الجمعة، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٧

"هي فوضـــــــــــى"....عندما يكتمـــــــــــــــــل الترتيب !!

بالطبـــع لست ناقدا فنيــاً..وحتى لو ادعيت فلن تكون بدايتي النقديــة لفيلم "ليوسف شاهين " ..لكن من حقي -الذي يكفله لي" القانون"- أن أبدي رأيي كمشاهد ومتفرج "شعبي" خالص .. اتخذ مكانه بين " الكراسي" لمشاهدة آخر ابداعات"جو"..
يمكننا تلخيص كل الابـــداع واللوحــة الجمالية لهذا الفيلم في جملة واحــدة " أنك تحس أنك قد خططته بأناملك" .. فالضحكات والصفقات التي صاحبت لقطات الفيلم كانت تعبّــر عن موقف مر به المشاهد في مكان ما في.. زمان ما.. أمام "سلطة" ما.. أو ربمــا كان الاحســاس بأن "جو" قد أتى بالشارع إلى الشاشة ..جلبه بعنفه وتسلطــه وحتى في بذاءاته ..وأكثــر ما لفت نظــري في الرسالة التي يوجهها أننا جــزء من هــذه التركيبة بصمتنا وتخاذلنا وهواننا ..ولعلّــي أختلف مع الرد الواجب تنفيــذه والذي أورده في نهــاية فيلمــه ..ربمــا كان ذلك لتأثري الشــديد بقصــة"غــاندي".. الرجــل الذي أسقــط بهدوءه ومبادئه "التاج البريطاني" بجبروته وسطوته ..وأجبره على النزول من عليائه ..وكان المبدأ الذي قامت عليه سياسة الاجلاء.."اللاعنف" وعادت بها -بعد جهد جهيد وصبر مديد- "جوهرة التاج البريطاني" إلى أيدي أبناءها ..وحتى لا يطول التساؤل بنا عن كيفية اتباع سياسة "اللاعنف" ..فالبون بينها وبين "السلبية" شاسع.. فالسلبية تتمثل في الوضع القائم الآن بيننا ..والذي نشكل جزءا لا يتجزأ منه ..وللتغيير بدلا من تكسير المنشآت والرد على الاعتداء بالاعتداء وترديد " ما أُخذ بالقوة..إلخ" من شعارات الحنجوريين العظماء الذين كانت لهم اليد الطولى في ما آلت إليه أحوالنا الآن ..تعتمد سياسة "اللاعنف" على أن تجبر الآخر على أن يسير على نهجك ومبادئك السوية ..حتى لو كلفك ذلك خسارة "لحظية" ..تتطلب قوة ايمان بالقضية دون الحاجة إلى استخدام وسائل التخريب والتشويه في ايصال رسائلنا ..فمهما كانت قوة استخدامه لسطوته ..فلن يدوم ذلك سوى فترة -ولو طالت- حتى يعود أدراجه منكسرا مخذولاً..يطبق ما تعارف عليه سابقونا ..الذين كان الرجل منهم يخسرالنفيس من ماله ووقته ولا يطأطئ رأسه لمذلة وتحقير من سلطة أكبر..
لي صديق -مع اختلافاتنا الفكرية الكثيرة- يرفض رفضا قاطعا أن يتملّص من أي غرامة أو مخالفة مرورية" بالعشرة جنيهات" في يد أمين الشرطة ..ويصر على تحرير المخالفة ودفعها حتى لو وصلت إلى خمسين ضعفاً من "الشاي" الذي كان سيعطيه للأمين المستغل المرتشي..
أوردت قصتي هــذه حتى أوضح مدى الفــرق بين "المقاومة الثــوريــة" و"المقاومة الشعبيــة "..فالثوريون يريدون ان يحققوا هدفهم للوصول إلى أقصى حالات الإشباع الذاتي والرضى عن النفس ..والطمأنينة بعد أداء الواجب..لــذا نراهم دائما يستعملون عبارات من طراز "بالروح بالدم.." "حتى آخر نقطة دم".." دماءنا فــداء ....
"أما "المقاومــة الشعبية" فهــدفها أن يصل الشعب إلى أقصى درجات الحريــة والعدالة ..والكـــرامة !!
وربما كانت لنشــاة "جو" وسط أجواء "ثورجية" آثارها في اختياره للمنهج "الثوري" في خطابه..
لكنني أكيد أن همّه الأكبر هو "الشعب" بكل ماتحمله الكلمة..ويرى أن هذا السبيل هو خلاصه الذي ينشده..
فالشعب -بطبعه- يميل إلى السلم والسكينة ..لكنه يتخاذل عن المطالبة بحقوقه ..ويسمح للغير -أي غير- أن يعبث بما هو له كيف يشاء..ليس لرضى منه ..ولكن لأنه قـَـبِِل أن يعيش منكسرا ذليلا..حتى يحس بأن الكيل قد فاض به " وبلغ السيل الزبى" فيستعر غضباً ..مشعلا نارا تأكل الأخضر واليابس ولاتذر له من حقوقه وأرضه سوى الرماد..
ألم يعِ أهل هذه البلد أنه لا يحق لهم أن يطالبوا بحقوقهم السياسية " من انتخاب ومعارضة وما إلى ذلك" قبل ان يغسلوا أرضهم وأن يزيلوا عنهـا ما دنّسهــا من رشــوة ..وتسلــط..وفســاد ..........وتخاذل
شكـرا " يوسف شاهين" ..شكـرا "خالد صالح".. شكــراً لأصدقائي الذين رافقوني ولم أستوعب نسبة ليست قليلة من الفيلم بسبب ضوضائهم..

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

تعليقى هذا بناء على قراأت القصه فقط فلم اشاهده مع ان امنيتى مشاهدته لكنى لا استطيع... :(

أنا أتخيل انه بالفعل جسد الشارع المصرى اليوم كما ذكرت فى مدونتك بسلبياته جميعها و بالفعل هذا ما يحدث...
و لكن اعتقد ان هذا ليس ما يتسم به الشارع المصرى فحسب, لا بل كثيراا من الشوارع العربيه ايضاا اوبالأحرى المجتمع العربى.. للأسف

بالفعل مدونه جميله و ننتظر المزيد.
Samra'...

انتهيــت من القـــراءة ..استمع الآن !


بطـــل الحــــرب ...والســـــلام