الجمعة، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٧

"هي فوضـــــــــــى"....عندما يكتمـــــــــــــــــل الترتيب !!

بالطبـــع لست ناقدا فنيــاً..وحتى لو ادعيت فلن تكون بدايتي النقديــة لفيلم "ليوسف شاهين " ..لكن من حقي -الذي يكفله لي" القانون"- أن أبدي رأيي كمشاهد ومتفرج "شعبي" خالص .. اتخذ مكانه بين " الكراسي" لمشاهدة آخر ابداعات"جو"..
يمكننا تلخيص كل الابـــداع واللوحــة الجمالية لهذا الفيلم في جملة واحــدة " أنك تحس أنك قد خططته بأناملك" .. فالضحكات والصفقات التي صاحبت لقطات الفيلم كانت تعبّــر عن موقف مر به المشاهد في مكان ما في.. زمان ما.. أمام "سلطة" ما.. أو ربمــا كان الاحســاس بأن "جو" قد أتى بالشارع إلى الشاشة ..جلبه بعنفه وتسلطــه وحتى في بذاءاته ..وأكثــر ما لفت نظــري في الرسالة التي يوجهها أننا جــزء من هــذه التركيبة بصمتنا وتخاذلنا وهواننا ..ولعلّــي أختلف مع الرد الواجب تنفيــذه والذي أورده في نهــاية فيلمــه ..ربمــا كان ذلك لتأثري الشــديد بقصــة"غــاندي".. الرجــل الذي أسقــط بهدوءه ومبادئه "التاج البريطاني" بجبروته وسطوته ..وأجبره على النزول من عليائه ..وكان المبدأ الذي قامت عليه سياسة الاجلاء.."اللاعنف" وعادت بها -بعد جهد جهيد وصبر مديد- "جوهرة التاج البريطاني" إلى أيدي أبناءها ..وحتى لا يطول التساؤل بنا عن كيفية اتباع سياسة "اللاعنف" ..فالبون بينها وبين "السلبية" شاسع.. فالسلبية تتمثل في الوضع القائم الآن بيننا ..والذي نشكل جزءا لا يتجزأ منه ..وللتغيير بدلا من تكسير المنشآت والرد على الاعتداء بالاعتداء وترديد " ما أُخذ بالقوة..إلخ" من شعارات الحنجوريين العظماء الذين كانت لهم اليد الطولى في ما آلت إليه أحوالنا الآن ..تعتمد سياسة "اللاعنف" على أن تجبر الآخر على أن يسير على نهجك ومبادئك السوية ..حتى لو كلفك ذلك خسارة "لحظية" ..تتطلب قوة ايمان بالقضية دون الحاجة إلى استخدام وسائل التخريب والتشويه في ايصال رسائلنا ..فمهما كانت قوة استخدامه لسطوته ..فلن يدوم ذلك سوى فترة -ولو طالت- حتى يعود أدراجه منكسرا مخذولاً..يطبق ما تعارف عليه سابقونا ..الذين كان الرجل منهم يخسرالنفيس من ماله ووقته ولا يطأطئ رأسه لمذلة وتحقير من سلطة أكبر..
لي صديق -مع اختلافاتنا الفكرية الكثيرة- يرفض رفضا قاطعا أن يتملّص من أي غرامة أو مخالفة مرورية" بالعشرة جنيهات" في يد أمين الشرطة ..ويصر على تحرير المخالفة ودفعها حتى لو وصلت إلى خمسين ضعفاً من "الشاي" الذي كان سيعطيه للأمين المستغل المرتشي..
أوردت قصتي هــذه حتى أوضح مدى الفــرق بين "المقاومة الثــوريــة" و"المقاومة الشعبيــة "..فالثوريون يريدون ان يحققوا هدفهم للوصول إلى أقصى حالات الإشباع الذاتي والرضى عن النفس ..والطمأنينة بعد أداء الواجب..لــذا نراهم دائما يستعملون عبارات من طراز "بالروح بالدم.." "حتى آخر نقطة دم".." دماءنا فــداء ....
"أما "المقاومــة الشعبية" فهــدفها أن يصل الشعب إلى أقصى درجات الحريــة والعدالة ..والكـــرامة !!
وربما كانت لنشــاة "جو" وسط أجواء "ثورجية" آثارها في اختياره للمنهج "الثوري" في خطابه..
لكنني أكيد أن همّه الأكبر هو "الشعب" بكل ماتحمله الكلمة..ويرى أن هذا السبيل هو خلاصه الذي ينشده..
فالشعب -بطبعه- يميل إلى السلم والسكينة ..لكنه يتخاذل عن المطالبة بحقوقه ..ويسمح للغير -أي غير- أن يعبث بما هو له كيف يشاء..ليس لرضى منه ..ولكن لأنه قـَـبِِل أن يعيش منكسرا ذليلا..حتى يحس بأن الكيل قد فاض به " وبلغ السيل الزبى" فيستعر غضباً ..مشعلا نارا تأكل الأخضر واليابس ولاتذر له من حقوقه وأرضه سوى الرماد..
ألم يعِ أهل هذه البلد أنه لا يحق لهم أن يطالبوا بحقوقهم السياسية " من انتخاب ومعارضة وما إلى ذلك" قبل ان يغسلوا أرضهم وأن يزيلوا عنهـا ما دنّسهــا من رشــوة ..وتسلــط..وفســاد ..........وتخاذل
شكـرا " يوسف شاهين" ..شكـرا "خالد صالح".. شكــراً لأصدقائي الذين رافقوني ولم أستوعب نسبة ليست قليلة من الفيلم بسبب ضوضائهم..

الأحد، ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٧

أنــا "بوليس" ..واللصـــوص..!!

رغم العهد الذي قطعته على نفسي بألا أخصص أي من لحظات الصفاء على هــذا الكرسي للتفكير في السياسة ..ربما لأن هناك من لا يألون جهداً وعرقاً في هذا الخصوص ..أو ربما لأنني أراها أوضع من أرهق ذهني بالتأمل والبحث عن حلول لها..ولكن بعد جلسات متقطعة اكتشفت انني فشلت "ذهنيا" في التفريق بين الوضع السياسي وبين الوضع الاجتماعي والشعبي..فالصلة أوثق مما كنت أتصور أو أتخيل ..وأعمق تأثيرا من أن ننحيها جانبا عند البحث في الهموم والمؤرقات التي ترسبت وتلاصقت حتى تعملقت مكونة جبلاً من السلبيات يحتاج لأكثر من مجرد كلمات ونصائح لازالته..وأعترف أن هذا الاكتشاف لم يأت بمحض الصدفة أو من خلال جلسة منفردة إلى النفس..بل بالبحث والمتابعة للمجريات ..وسأسمح لنفسي بأن آخذ القارئ في جولتي تلك علّنا نجد سوية موطن العلة في كل هذا ..لن نذهب بعيدا جداً بل إلى حقبة قريبة من حياتنا .."الناصرية" ولن أتحدث هنا إلا إلى أعداءها عن :ماهي زلات الحقبة" الناصرية"..وغالبا ستتمحور الاجابة حول : الديكتاتورية والاستبداد..و"الحنجورية" الزائدة ..وننصرف مقبلين لنتعثر خلال ذلك بحقبة أقرب .."الساداتية" ويتضح من معارضيها أن التفرد بالرأي كان مستمرا ..صاحبه غموض في القرارات ..وربما ادعى البعض وجود تخبط أيضا في ذلك ..وتستمر رحلتنا إلى أن نصل إلى المرحلة الحالية ..ولكن
في طريقنا إلى هنا كان بحوزتنا أمر التفتنا جميعا إلى أمور شتى ولم نتنبه إلى أننا نفقده شيئاً فشيئا..لم نلحظ أن هناك أجيالا لم تعشها حتى هذه اللحظات ..لم نرى أنفسنا ونحن نُسقط درع الكرامة عن صدورنا ..لنصبح عاريين أمام رماح عديدة ..وسيوف ذل ومهانة أبتر من أي سيف في الحرب
لست من محبذي نظرية المؤامرة ..وعلى العكس أرى أنه مهما بذل الآخر من جهود فلن يستطيع إلا بجهد منك أن ينال مراده ..وهو ما قام أفراد منّا به ..ظنّا منهم بأنهم بذلك يستطيعون فرض السيطرة وإخماد روح الحماسة لدى الشعب ..حتى تطمئن نفوسهم إلى صمود الكراسي..وكراسيهم ليست ككراسينا ..نقصدها بحثا عن متكأ فكري وعقلي..بل هي كراسي تسّخر صاحبها حتى لا يصبح له هم سواها..
وإذا تساءلنا لماذا وصل الحال بنا إلى الخمول واللامبالاة هذا الحد ..هل عرف الناس فجأة أن السياسة لها أهلها..؟؟أم هل اكتشفوا أن كل جهدهم لا طائل له سوى ضياع الوقت ..أم هل نجح أصحاب الكراسي في صرف الناس إلى قوت اليوم ..؟؟
لعلها الأسباب مجتمعة..وأنــا لا أدعو إلى حراك سياسي جم..ولا أناشد بفعل أمرما..أو حتى تركه ..لكن هناك اتجاه شعبي كامل إلى "اللاشيء"..لا أحد يهتم ..لا أحد ينتظر ما ستؤول إليه الأحداث..بل إن هناك أجيالا شابة كاملة لا تطالع نشرة الأخبار ..ولا تنتظر وقائع مؤتمر أو جولة سياسية..ويستعيضون عن ذلك بأشياء أخرى إيمانا منهم ان ذلك ليس شأنا يصلح للمتابعة ..بل هو لكبار السن أوللمتخصصين..أولعلهم هم على حق وفهموا "اللعبـة" مبكرا بدلا من تضييع وقت في أمور كهذه..
وكأني بهم يشبهون ذلك الشيخ الكبير الذي شارك في حروب عدة يطلب من حفيده أن يتخلى عن مقاومته قبل أن يخيب أمله في النهاية..بعد ان نال كل حظه من "الكعكة" ..وكان نصيبه بضع ذكريات ..وبطولات ..وكرامــــة "مســـروقـــة"
وأخيرا أترككم مع كلمات تصور محاورة الشيخ لحفيده :

يابني أرم الحجر
ربما ذات يوم يسألك سائل
لم ألقيت حجرك
لم أسكت نبضك
فأخبره بأنك لم تعد تجد
من وراء ذلك طائل
ولا تنسى وأنت تجيبه..
غض البصر
* * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجر
في بلدتي يا بني جُل
الحديث عن السلام
إننا نهوى الكــلام..
بلا طقوس أو احترام
يابني إننا مسلمون
ملتزمون..
متزمتون..
نفني حياتنا في الخطب
هذا حلال..وهذا حرام
لكننا إن لم تجد خناجرنا
من تقاتله
كانت حناجرنا تبارز الإسلام..
يابني إنا بـشـر
* * * * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجر
إننا يا بني أمة
كانت تسمى بالعرب
غنوا ورقصوا لمجدهم
حتى توارى واحتجب
المجد ضاع..
والكل بــاع..
لا تسألن عن السب
أولا تؤمن بالقدر..
* * * * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجــر
فجساس قد قتل كليبا
قالو: إذن فجساس هو الباغي
جساس قد قتل كليبا
لكن كليبا كان قد جلب لنا
ما لا نطيقه
لانستسيغـــه..
جلب السلام
وجلب الأمان..
وتلك جريمة لا تغتفر
* * * * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجر
انهم من طالبوا برأس
لم يرد سماع صوت اليمامة
من ذهب إلى الأعادي ممسكاً
غصن زيتون..وحمامة
وهم الآن يذهبون
ويأكلون..
ويرقصون..
وينحنون

ولو كنت مكانه لجعلتهم
يقاتلون..
ويقاتلون..
ويفنون..
فجلب السلام لهؤلاء قلب الخطر
* * * * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجر
ما يبكيني يا بني
أنني لا أعارض حربا
لكنهم لا يريدون
حرباً.. ولا سلماً
ولا مواثيق
ولا نصوص
إننا نخشى الجميع
..من هم فوقنا
أو من هم دوننا
نسير كالقطيـــع
أما بيننا..
عــاهد..فما أسهل النكــوص
إننا لسنـــا أمــة
بل قد تكون..
لكنها أمةٌ ..من اللصوص
يحكمها -من غيرها- من ينتصر
* * * * * * * * * * * * * * * *
يابني فلتستمع لنصيحتي
وألق حجرك
أو لا....لا تلـــقه
فلربما ارتد إلى حجرك
فنحن من يقول
الزارع يحصد مابذر
فلا ترم الحجـــر

الجمعة، ٢٣ نوفمبر ٢٠٠٧

لمـــــــــاذا ...تصلي !!؟؟؟

كــان الدين فيما مضى يحتل موقعا ثقافيا وتربوياً جميلا ومساهما فعالاً في التكوين الشعبي -والرسمي- لهذا البلد..حيث كــان الالتزام الديني -في تلك الآونة- مبعثا للتوقير والاحترام المتبادل بين "الشيخ" وبين جيرانه والمحيطين به في مجال عمله بل وحتى أثناء تجوله في أرجاء المحروسة كانت تحيط به هالة الوقار والاحترام التي يخنع أمامها أعتى القساة والمجرمين ..فحتى هــذا "ذو السلوك الشائن" لديه اعتراف ضمني بالصلة التي تربط هــذا الشيخ " الملتزم" بربه ..وذلك ما يمثل خطّاً أحمراً لا يجوز الدنّو قريبا منه..نتذكر هذه القصص التي لم يعاصر الكثير منا إيّــاها إلا في ما يُروى ويُسترحم عليها من قِبل من عاصروها ..نتذكر هذا ونحن ننظر حولنا لنرى ما آلت إليه أحوالنا ..وكيف كان تقهقر الفكر الديني من العوامل التي أدت إلى انهيار قيمنا وثقافتنا وأحوالنا العــامة ..نحن لا ندعي أن الأيام الخوالي كانت جميعها صفحات بيضاء ..ولا نطلب أن تصبح أيامنا هذه كأيام الهجرة ..فعديد المتغيرات النفسية والعقلية لا بد أن ترمي بثقلها على عاتق الزمن ..وبالتالي تصبح الرغبة في الحصول على مجتمع يماثل الأجيال الأولى من الرسالة ضربا من المستحيل ..والجنون..كما أنه يجب علينا ألا نغفل أن لمصر طبيعتها الخاصة وهو ما لا يحب العديد من أصحاب التوجهات الحديثة -دينياً - الاعتراف به..فنحن -شئنا أم أبينا-دولة كانت وستزال تعيش وسط مختلف الاتجاهات الفكرية والدينية التي لا بد أن تتوافق فيما بينها للوصول إلى الغاية من صلاح الحال الدنيوي الذي يجمعها في بوتقة واحدة .. ولكن لنركن إلى كرسيّنا قليلا لنسترجع الأسباب التي أدت إلى هذا الانشقاق حتى فيما بين أصحاب التوجه الديني الواحد - كما كان يفترض بهم أن يكونوا-وكيف أصبحوا يقذفون بعضهم البعض بالتهم التي قد تصل في بعض أحيانها إلى الإدعاء بأنه لاينفذ تعاليم دينه كما ينبغي..
تكمن المشكلة-في اعتقادي - عندما تغير الخطاب الديني عمّا كان عليه ..ولست هنا لكي أعيد كلمات قتلت بحثا فيما سبق عن تحديث الخطاب الديني..بل نحن هنا لتبيان أن المضمون في حد ذاته أصبح يختلف كليا عمّا كان مألوفا ..فمن المعروف أن الخطاب الديني قديما كان يمس جوهر الناس ويبعث على بث روح الطمأنينة الممزوجة بخشية الله في الأفعال كلها ..وهو ما يحقق المعادلة الصعبة السهلة في " التوسط" الذي جاءت به التعاليم الدينية ..ويأتي الاختلاف إذ نظرنا إلى الخطاب الديني الحديث والذي يركز في معظم أركانه على الناحية الشكلية فقط..مغفلاً الجانب الروحي إلا نادرا " لحفظ ماء الوجه" أو تعودا على ذكرها ..دون التطرق إلى كون هذه المفاهيم هي ما تنشئ مجتمعا نظيفا ..قد فهم ووعى المضمون الذي بنيت عليه شريعته ..وهو ما يختلف عما كان عليه سابقا ..وهذا دليل على أن نجاح هذه الأفكار في مكان ما ليس دليلا على نجاحها في آخر..وحتى لا يتهمني " أحد بالتجني ولأنني أحب دائما أن تكون أوراقي التي أستند إليها هي صفحات أروقة الشارع والمجتمع"..فليس شك أن نظرة خاطفة إلى اختلاف النظرة المجتمعية لرجل الدين
أثرها في التكوين الشخصي لهذا المجتمع ..وأصبح الهاجس الذي يصاحب مرافقة الشيخ هو ما يحل محل التوقير والهيبة الذين كانا عنوانا لمشايخ زمن فائت ...وإذا نحينا جانبا سببي تدنّي المستوى الثقافي والاجتماعي العام ..وكذلك إسهام الأعمال الفنية في النظرة العامة تلك ...فلا يجب علينا ان نغفل أن هناك دور لأصحاب القضية في ذلك ..وليس ما عاناه الناس من أعمال التخريب منذ وقت ليس ببعيد إلا من هذه الأسباب..وأيضا ذلك الإحساس الشعبي بأن الفجوة قد اتسعت إلى مدىً لا يمكن تداركه ..حيث يصل إليهم -وربما عن دون قصد- ان هناك حد فاصل يشبه مقولة الحكومة الأمريكية " من ليس معنا فهو ضدنا" ..واختفت تلك البسمة التي كانت تقرّب توصيل المفاهيم الدينية إلى مدارك العامل البسيط ..والموظف الذي لا يجد متسعا للبحث في أمهات كتب السنة..والطالب الغافل الذي ينتظر أن تنتشله نظرة حانية من غياهب التخبط بين مرافىء شتى..أصبح لا يصل إلى بال هؤلاء -والذين أمثلهم متحدثا- إلا أن هذا الشيخ لن يطلب مني سوى أن أطلق لحيتي ..وأقصر ثوبي وأن ألتزم بأداء فرائضى في أوقاتها وإلا.............................و"إلا" هذه مربط الفرس..فقبل " إلا "يجب أن يعرف المتلقي لماذا يؤدي هذه الفرائض..لست أعترض هنا على من يلتزمون ويدعون إلى هدي المصطفى "صلى الله عليه وسلم" ..لكنني أدّعي أن ما يهمني شخصيا أن يدرك الشخص لم عليه أن يكون ملتزما وليس أن يريني هذا الالتزام..فعندما تصل أهمية ما يقوم به إلى روحه ستظهر أبعادها وآثارها على مظهره الخارجي ..عندها سيقوم باتباع السنة عن وعي وفهم..وليس العكس..عندما يدرك الفتى لماذا يصدق في قوله.؟ لن ينحدر به الحال حتى يصل إلى المخدرات..عندما يدرك الموظف لماذا يصلي..؟؟عندما يدرك أن الصلاة ليست فقط مجموعة حركات تؤدى في وقتها..وعلامة في منتصف الرأس ..عندها فقط لن تصل يداه إلى ما حرّم ربه..عندها يصل إلى مرحلة اليقين ..عندما تكون لغتنا روح الدين ..سترتقي آداب الحوار فيما بيننا..ربما يغضب البعض من هذه الكلمات ..وربما يغضبون أكثر عندما أقول أنني لا

يهمني أن تصلي.. بقدرهمّي أن تعلم لماذا تصلي ..فالعادة قد تنقضي يوما ما ..لكن العبادة خالدة بخلود الايمان

الأحد، ١٨ نوفمبر ٢٠٠٧

الكــــــــــرَة ...والهـــويـة

لم أكن لأتوقع أن تتطلب مني فترة العودة من جديد كل هذا ..فبعــد عديد الاخفاقات الشخصية والاحباطات المتتالية تكللت " بحمد الله" بخســارة العرس الافريقي وما تخلله من ظروف وأحداث لم تكن - من وجهة نظري - لتفيد النادي بأي حال من الأحوال ..لأن لدي إعتقاد راسخ منذ الطفولة أن الفرحة هي فرحة الحدث ..والاحتفال اذا لم يكن في وقته فلا طائل له..ولكــن ..لم أورد هــذه الأحــداث لذكر سبب الابتعاد فقط ..ولا طلبا لمشاركة وجدانية ..فأولا لم يسألني أحد تبريرا لابتعادي..كما أنني أعلم أن كل من تمر هذه الكلمات أمام عينيه له من المصاعب حظ ليس باليسير..بل لأن هناك كما قلت مواقفا تخللت الحدث ..وأمــورا بينت أن كــرة القـدم مـرآة لنا ..ولحيــــاتنا..
استوقفني تساؤل ورد في أحد البرامج التحليلية لكرة القدم سأله الناقد المعروف "حسن المستكاوي"لأحد ضيوفه : ما نوع الكرة التي نلعبها ..أهي لاتينية مهارية ..أم أووربية خططية ..؟؟!!وهنا رد الضيف :حتى وقت قريب -منتصف الثمانينيات- كنا نلعب كرة مهارية لاتينية ..أما الآن فلا أستطيع ان أتبين حقيقة نوعية الكرة التي نلعبها."..وهنا لا بد أن يتبادر إلى الذهن سؤال يتكرر كلما مر بك حوار كهذا : أهي حال كرة القـدم فقط ...!! هل هي حالة اجتماعية انتقلت عدواها إلى الملاعب الخضراء وكواليسها ..؟؟ أم أننا شعب يعشق كرة القدم إلى درجة أننا نتأثر اجتماعيا بما يطرأ عليه من تغيّر
حقيقةً إنني هنا أقدم اعترافا بانني كنت ضمن المشتركين في "موضة " العولمة ..بل كنت من أكثر القائلين بأن الثقافة القوية والهوية المترابطة لا تتأثر بمثل هذه الأحداث ..وغفل عن فكري دراسة الشخصية المصرية
تلك التي أضنت فكر ومجهود علامة مثل "جمال حمدان "..ظننت أنني أستطيع أن أختزل كل المعلومات عنها في عدة أبحاث صغيرة متفرقة ..ونسيت أن الأوراق لا تصلح في مثل هذه الأمور إلا لنيل درجة علمية أو لملء بعض صفحات خالية لجريدة قومية عريقة ..إن جولة صغيرة في أروقة الشارع المصري العتيقة تحدثك جدرانها بأنها تقبّلت وتقلّبت في كل أشكال وألوان الحياة الجديدة التي تهل إليها من كافة بقاع الأرض ..فمن فراعينها العظمــاء.. لهكسوسها الغازين ..مرورا بقبطها القاطنين ..وعربها الفاتحين ..بما في ذلك من دول عثمانية وفاطمية ..وملكية وجمهورية ...ولا ننسى الأثر الكبير والجليّ في ما خلفته آثار الأقدام الفرنسية والانجليزية في هذه البقعة من الأرض..وهنا أقــدم نصيحة لكل من قد "تسوّل" له نفسه أن يبحث في سبر أغوار هذه العقلية .."أن يُلــمّ بكافة جوانب هذه الأحداث قبل الشروع في ذلك " ولكن إذا كان لابد ..فلنقم بدراسة سطحية بسيطة وسريعة ..ولنقلب صفحات التاريخ لنرى "كيف استطاعت مصر أن تتقبل كل هذه التقلبات في الحكم ..وأن تحتضنها ..تاركة لها المجال لتضع بصمتها ..ومن ثم تستبدلها بوضع آخر وثقافة أخرى مغايرة" ..وهنا سوف تتجلّى لك الشخصية المصرية بدهاليزها وأعماقها ..فهــذا الشعب هو من نوع نادر جدا بل هو الوحيد
الفريد من نوعه - وربما كان ذلك ما أغرى كل هؤلاء بالقدوم ومحاولة السيطرة عليه- ..وهذه النوعية أطلق عليها في جلساتي وأحاديثي " الناقم المطواع " فهو على طول الخط ناقم على ما حوله " ظروفه -أقداره- عمله-أسرته- حكومته- مجتمعه" إلا أنه يكون "مطواعا" لأي شكل من أشكال الحكم الذي يقع تحت سيطرته ..ربما يكون في الموضوع بعض التعقيد ..لكن بالنظر بتمعن نجد أن هذه الشخصية لا تستطيع أن تحيا بدون انتقاد..هو انتقادي بطبعه ..لكنه مسالم أمام السيطرة الأعلى منه منفذا للأوامر بحذافيرها ..لا يحيد عن الخط الذي يُرسم له..تعود أن يجد من يقوده ..من يعمل له ..من يفكر من أجله ..وما عليه إلا أن ينتقد هذا الآخر..لكنه أبداً لا يحيد عن الهوية التي يريده الحاكم وشراذمه أن يكون عليها ..ومن هنــا تبينت خطأي الشخصي -كما ذكرت آنفا- في عدم اعتراضي على مفهوم العولمة لرؤيتي-حينها - أنها سبيل جيد لعدم التقوقع ..وللتجول بين ثقافات ورؤى أخرى جديدة ..ومفيدة..وليتني بذلت جهدي للتصدي لتلك العولمة ..ليت العديد منّا استمع الى الأصوات التي درست نوعية العقلية التي حوله..فبدلا من أن تذوب تحت إمــرة سلطة جديدة ..تركنا المجال لأكثر من ثقافة ..فباتت تائهة ..هائمة..لا لون فيها ولا رائحة ..ولم يكــن ذلك بفعــل فاعــل ..بل لغيـاب الفاعـــل

لقد ساهمت مع العديد من المطلعين ليس في تهميش هــوية الشخصية المصرية ..أو طمس معالمها ..ولكننا ساهمنا في

توضيح أنها فقــدت التبعية ..وبات عليها أن تبحث وتناضل من أجل أن تجد لنفسها مكانا في ما يسمى "صراع الحضارات" "أو صراع الثقافات" أو أي صراع..المهم أنه أصبح من الضروري أن تصارع..أصبح على هــذه الهويـــة أن توجــد لنفسها "هـــوية"...لا أن يصنعها لها أحــد

الثلاثاء، ٦ نوفمبر ٢٠٠٧

بـــــــــــــلدهم ....!!بتتقــــدم بيــنـــــــــــــــا

لم أجـد بُــدّا - على الرغم من رغبتي في البعد عن أحاديث السياسة - في التطرق إلى ما جـاء في المؤتمر المنعقد للحزب الحاكم هــذه الأيــام..حيث أنها تلقي بظلالها هــذه المرة على عــدة جوانب ألمسها في أرجــاء الشوارع والطرق "وحواري" ومقاهي المحروسة ..وبل قد يكون السبب الرئيس أنني لم ألمس مثل هذه التوجهات في التخطيط من جانب القائمين على الحزب من قبل ..لست أعني توجهات نحو تحديث البنية التحتية للبلاد لصالح شبابه ومستقبلهم .... لكنني هنا أتحدث عن لغــة الخطاب ..فقلما "أو لنقل أنه لم يحدث من قبل"أن أعجبت بأحد خطابات الحزب .. و طرق طرحه لأفكاره الغــراء ..التي نعرف مسبقا بأنها" لم ولا ولن "تحدث ..ولسنا هنا من أجل مناقشة ذلك ولكن لأن توجهات الحزب الخطابية" باتت تجابه لغات الخطاب العالمية ..بعيدا عن كل ما تعودناه منهم ..وربما كان لتطبيق الــ"فكر جديد"أثره في هذا ..فالسادة القائمون ذوو طرق تعليم مختلفة ..واطلاع أكبر من سابقيهم - الذين أصبحت الرفوف مكانهم الطبيعي هذه الأيام-..ولأن الشباب الآن يستطيع التجول في عالم الاتصالات المحيطة به .وبعد أن تبدل الهواء من حولهم ..لتحل بدلا عنه" موجات كهرومغناطيسية "تصطدم بالأجساد والعقول ..وأصبحت تستحوذ على جُلّ اهتمام العديد من الشريحة الشبابية ..بات الانتقال من اللغة " المتعالية" القيادية ..إلى لغة " أخوية" هي أقرب إلى الاستجــداء منها إلى خطة عمل ..ونجحت فكرة رمي الكرة في ملعب الشباب ..حيث أن معظم الشباب أصبحت لديه كمية من اللامبالاة أرّقت الحزب إلى درجة أن يجعلها ضمن برنامجه الخططي ..وهنا استوقفتني خاطرة غريبة بعض الشيء ..فمنذ متى كانت الحكومة - ولست أخص بالذكر حكومتنا- تبذل الجهد في توعية الشباب بضرورة التحرك والعمل والبحث عن فرصة ..وهل وصل مدى الاحباط لدى الشباب لدرجة تلفت نظر الحكومة إلى وجوب التحرك ..؟؟!!وهنا تيقنت مدى خطورة الحالة ..فإلى وقت ليس ببعيد كان كل هم الحكومة أن يبتعد الناس عن" الكلام في السياسة "حسب التعبير السائد ..وكان الشغل الشاغل إلهاء الناس بالبحث عن لقمة العيش ..ووضعهم تحت طائلة الفســاد حتى بات كل ما حولنا فاسدا ..وكما يقول أحد الأصدقاء "إن الدولة تبحث عن طريقة تجعلك بها فاسدا حتى لا تتسنى لك الفرصة لمحاسبتهم "" وكما قيل " يا عزيزي ..كلنا لصوص" ..فمن أين أتى الشعور الحالي بوجوب التحرك نحو مخاطبة همم الشباب وعزيمتهم ..؟ ..منذ فترة وضعت أمام ناظري فكرة ألا أنظر للحكومة على أنها كائن هلامي يتحكم في مسار أمورنا ..ولكن من منظر آخر هم " مجــرد أشخاص وأفراد من صلب هذا الوطن ..وكِّــلوا بمناصب لأداء مهام لهم ..فشلوا فيها إما بغرض تحقيق مآرب شخصية ..أو لقلة حيلتهم في مثل هذه المواقف ..فهم أولا وآخرا أشخاص مثلهم كمثل أي موظف صغير فاسد ..وليس للسلطة أي فارق في المحاسبة من وجهة نظري الشعبية المتواضعة .. وهؤلاء "الأفــرادالكبـار" إما أنهم يخشون ألا يجدوا من يدافع لهم عن ملكياتهم الخاصة وصروحاتهم التي بنوها وتعودوا أن يجدوا من يسهر على حمايتها ..وبالطبع وسط هذا الخمول العام الذي ينتشر بين الشباب لن يستطيع القادة توفير الحماية الخاصة ..أو ربما أنهم يخافون أن تنقضي فترة " القط والفار" التي تعودوا عليها مع الشباب الذي صار لا يبالي بمن أتى ومن توّلى ..فبذلك لن يكون هناك طعم للحياة السياسية في ظل هذه الظروف ..وفي كلتا الحالتين رأى القائمون ضرورة الحركة السريعة حتى لا يخسروا جنودهم الذين يجب أن يبذلوا يوما من الأيام الغالي والنفيس ..للذود عن ممتلكات وثروات هـــــــذا الـــوطن ..وطن الحزب والقائمين على الحــــــــــزب
حتى لا نظل في مرحلة الهروب من " كيف يفكر شبابنا"؟..هـذه المقالة عصـارة أحاديث جانبية على مضض ..من قِبل شباب وتصوراتهم حول المؤتمر ..وليست سياسية بحتة . . .,

انتهيــت من القـــراءة ..استمع الآن !


بطـــل الحــــرب ...والســـــلام