الأربعاء، ٢٥ يونيو ٢٠٠٨

من العموم ..إلى الخصوص..!!

بات مصطلح "الخصخصة"محوراً لأكثر الأحاديث التي تدور في الجلسات المصرية في الوقت الراهن.وغالبا ما يتوافق مع ترقبٌ لماهو أسوأ حالاً من الوضع القائم .ومزيدا مما يستشري في جسد البلاد من "تضخم" و"بطالة" و"غلاء" و.."فســـــاد"
بالطبع لست أهلا لتحليل الوضع الاقتصادي -سواء الاشتراكي منه أو الرأسمالي-من ناحية مدى اتساقــه مع السياسة الداخلية ..لكن رأياً بسيطاً تكون لديّ عن مدى تفاعل الشخصية المصرية مع هذا الوضع .فالواجب عدم إغفال ما لهذه الشخصية من أثر بالغ ..وأنه لايجوز أخذ القوالب الجامدة ومحاولة تطويع تلك الشخصية عليها ..ولعل هذا ما أدى إلى "ضعف أداء" التجربة الاشتراكية المصرية عن مثيلاتها ..وتهاويها بسرعة عجيبة أمام معاول الانفتاح والرأسمالية ..
والغريب أن تطبيق سياسة الرأسمالية أيضا صاحبته نفس العشوائية التي أنهكت السياسات السابقة ..فلا تخطيط واضح المعالم ..ولا دراسة مسبقة لمتطلبات ..ومقومات تلك الشخصية التي لانملُّ تطرقا لها ..
فماذا كان الناتج..؟؟!
لنعد بالأمر إلى بدايته ....
على مدار السنوات العشرين الأخيرة صاحبت تلك "الخصخصة" الاقتصادية ..خصخصة معنوية ونفسية ..فبات الاهتمام الخاص أعلى من العام ..وذلك على عكس التجربة التي خاضتها الأجيال السابقة.فأنت قد تجد من ذاقوا الأمرّين في تلك العهود التي عُرف عنها استخدام القوة التي ربما وصلت إلى حد الغشم في بعض الأحيان..ولكنهم كانوا أول المعارضين لتنحّي من عذبهم ..بل وأول الباكين على رحيله ..
بالطبع ليس لأنهم سوف يفتقدون أيام العذاب تلك ..ولكن لأنهم كانوا يرون في مصير البلد لونا قاتما ..ذابت كل الجراح محملة بآلامها أمام المصلحة العامة ..
وهذا يبين ما للسياسة الاقتصادية والمنهج المتبع من تأثيره على مختلف النواحي الحياتية ..
والعجيب أو ما يمكن وصفه بأنه "المضحك المبكي "..أنك ترى المرء يرتشي او يسلب أو يستخدم نفوذه في فساد ما ..لكنــه سرعان ما يسب ويلعن حظه العاثر الذي وضعه في بلد ..بنيتها التحتية منهارة ..ومبانيها آيلة أيضا ..ومرافقها شبه متآكلة ..
ولا أدري لماذا سرح خيالي أثناء مشاهدتي لشخص تدل هيئته على أنه موظف-كما في مشهد سينمائي- يقف في طابور العيش ..يتأفف من الوضع والجو الخانق ..وينتقد القيام بمحاباة البعض دونا عن الآخرين..
لكنه -نفس الموظف في مشهد آخر- على مكتبه ينهر المواطن الذي أعياه سؤالا وأقلق ساعة راحته ..ولعل ذلك المواطن ليس إلا طبيبا أوقعه حظه العاثرفي زمان ومكان غير مناسبين ..لكن مشهدا آخر يأخذنا إلى عيادة هذا الطبيب وهو يمارس ألاعيبه السحرية لايهام المريض الذي أمامه بأن الأشعة يجب أن تؤخذ من المركز الفلاني -والذي بالطبع يمثل عميلا دائما له- وربما لم يكن المريض سوى ضابط يستغل منصبه لايذاء الاخرين والحصول على ما لايستحق..ولربما من سخرية الأقدار كان هو ذلك الذي يأخذ -بحكم منصبه- أرغفة العيش تحت مرأى ومسمع الموظف الحانق ..في أول المشهد..
صحيح ليس هذا إلا مشهد خيالي ...وربما كوميدي..لكني أظنه تبسيطا لما تمثله "الخصخصة النفسية"....
حقيقــةً كنت أود ان أطرح المزيد من المقارنات والاستشهاد بما يحدث في الوقت الحالي ..لكن نظرة خاطفة تغنينا عن أي استغراق في المسألة ..!!

انتهيــت من القـــراءة ..استمع الآن !


بطـــل الحــــرب ...والســـــلام