الأحد، ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٧

أنــا "بوليس" ..واللصـــوص..!!

رغم العهد الذي قطعته على نفسي بألا أخصص أي من لحظات الصفاء على هــذا الكرسي للتفكير في السياسة ..ربما لأن هناك من لا يألون جهداً وعرقاً في هذا الخصوص ..أو ربما لأنني أراها أوضع من أرهق ذهني بالتأمل والبحث عن حلول لها..ولكن بعد جلسات متقطعة اكتشفت انني فشلت "ذهنيا" في التفريق بين الوضع السياسي وبين الوضع الاجتماعي والشعبي..فالصلة أوثق مما كنت أتصور أو أتخيل ..وأعمق تأثيرا من أن ننحيها جانبا عند البحث في الهموم والمؤرقات التي ترسبت وتلاصقت حتى تعملقت مكونة جبلاً من السلبيات يحتاج لأكثر من مجرد كلمات ونصائح لازالته..وأعترف أن هذا الاكتشاف لم يأت بمحض الصدفة أو من خلال جلسة منفردة إلى النفس..بل بالبحث والمتابعة للمجريات ..وسأسمح لنفسي بأن آخذ القارئ في جولتي تلك علّنا نجد سوية موطن العلة في كل هذا ..لن نذهب بعيدا جداً بل إلى حقبة قريبة من حياتنا .."الناصرية" ولن أتحدث هنا إلا إلى أعداءها عن :ماهي زلات الحقبة" الناصرية"..وغالبا ستتمحور الاجابة حول : الديكتاتورية والاستبداد..و"الحنجورية" الزائدة ..وننصرف مقبلين لنتعثر خلال ذلك بحقبة أقرب .."الساداتية" ويتضح من معارضيها أن التفرد بالرأي كان مستمرا ..صاحبه غموض في القرارات ..وربما ادعى البعض وجود تخبط أيضا في ذلك ..وتستمر رحلتنا إلى أن نصل إلى المرحلة الحالية ..ولكن
في طريقنا إلى هنا كان بحوزتنا أمر التفتنا جميعا إلى أمور شتى ولم نتنبه إلى أننا نفقده شيئاً فشيئا..لم نلحظ أن هناك أجيالا لم تعشها حتى هذه اللحظات ..لم نرى أنفسنا ونحن نُسقط درع الكرامة عن صدورنا ..لنصبح عاريين أمام رماح عديدة ..وسيوف ذل ومهانة أبتر من أي سيف في الحرب
لست من محبذي نظرية المؤامرة ..وعلى العكس أرى أنه مهما بذل الآخر من جهود فلن يستطيع إلا بجهد منك أن ينال مراده ..وهو ما قام أفراد منّا به ..ظنّا منهم بأنهم بذلك يستطيعون فرض السيطرة وإخماد روح الحماسة لدى الشعب ..حتى تطمئن نفوسهم إلى صمود الكراسي..وكراسيهم ليست ككراسينا ..نقصدها بحثا عن متكأ فكري وعقلي..بل هي كراسي تسّخر صاحبها حتى لا يصبح له هم سواها..
وإذا تساءلنا لماذا وصل الحال بنا إلى الخمول واللامبالاة هذا الحد ..هل عرف الناس فجأة أن السياسة لها أهلها..؟؟أم هل اكتشفوا أن كل جهدهم لا طائل له سوى ضياع الوقت ..أم هل نجح أصحاب الكراسي في صرف الناس إلى قوت اليوم ..؟؟
لعلها الأسباب مجتمعة..وأنــا لا أدعو إلى حراك سياسي جم..ولا أناشد بفعل أمرما..أو حتى تركه ..لكن هناك اتجاه شعبي كامل إلى "اللاشيء"..لا أحد يهتم ..لا أحد ينتظر ما ستؤول إليه الأحداث..بل إن هناك أجيالا شابة كاملة لا تطالع نشرة الأخبار ..ولا تنتظر وقائع مؤتمر أو جولة سياسية..ويستعيضون عن ذلك بأشياء أخرى إيمانا منهم ان ذلك ليس شأنا يصلح للمتابعة ..بل هو لكبار السن أوللمتخصصين..أولعلهم هم على حق وفهموا "اللعبـة" مبكرا بدلا من تضييع وقت في أمور كهذه..
وكأني بهم يشبهون ذلك الشيخ الكبير الذي شارك في حروب عدة يطلب من حفيده أن يتخلى عن مقاومته قبل أن يخيب أمله في النهاية..بعد ان نال كل حظه من "الكعكة" ..وكان نصيبه بضع ذكريات ..وبطولات ..وكرامــــة "مســـروقـــة"
وأخيرا أترككم مع كلمات تصور محاورة الشيخ لحفيده :

يابني أرم الحجر
ربما ذات يوم يسألك سائل
لم ألقيت حجرك
لم أسكت نبضك
فأخبره بأنك لم تعد تجد
من وراء ذلك طائل
ولا تنسى وأنت تجيبه..
غض البصر
* * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجر
في بلدتي يا بني جُل
الحديث عن السلام
إننا نهوى الكــلام..
بلا طقوس أو احترام
يابني إننا مسلمون
ملتزمون..
متزمتون..
نفني حياتنا في الخطب
هذا حلال..وهذا حرام
لكننا إن لم تجد خناجرنا
من تقاتله
كانت حناجرنا تبارز الإسلام..
يابني إنا بـشـر
* * * * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجر
إننا يا بني أمة
كانت تسمى بالعرب
غنوا ورقصوا لمجدهم
حتى توارى واحتجب
المجد ضاع..
والكل بــاع..
لا تسألن عن السب
أولا تؤمن بالقدر..
* * * * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجــر
فجساس قد قتل كليبا
قالو: إذن فجساس هو الباغي
جساس قد قتل كليبا
لكن كليبا كان قد جلب لنا
ما لا نطيقه
لانستسيغـــه..
جلب السلام
وجلب الأمان..
وتلك جريمة لا تغتفر
* * * * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجر
انهم من طالبوا برأس
لم يرد سماع صوت اليمامة
من ذهب إلى الأعادي ممسكاً
غصن زيتون..وحمامة
وهم الآن يذهبون
ويأكلون..
ويرقصون..
وينحنون

ولو كنت مكانه لجعلتهم
يقاتلون..
ويقاتلون..
ويفنون..
فجلب السلام لهؤلاء قلب الخطر
* * * * * * * * * * * * * *
يابني ارم الحجر
ما يبكيني يا بني
أنني لا أعارض حربا
لكنهم لا يريدون
حرباً.. ولا سلماً
ولا مواثيق
ولا نصوص
إننا نخشى الجميع
..من هم فوقنا
أو من هم دوننا
نسير كالقطيـــع
أما بيننا..
عــاهد..فما أسهل النكــوص
إننا لسنـــا أمــة
بل قد تكون..
لكنها أمةٌ ..من اللصوص
يحكمها -من غيرها- من ينتصر
* * * * * * * * * * * * * * * *
يابني فلتستمع لنصيحتي
وألق حجرك
أو لا....لا تلـــقه
فلربما ارتد إلى حجرك
فنحن من يقول
الزارع يحصد مابذر
فلا ترم الحجـــر

ليست هناك تعليقات:

انتهيــت من القـــراءة ..استمع الآن !


بطـــل الحــــرب ...والســـــلام