الأربعاء، ٦ أغسطس ٢٠٠٨

لعبــــة التــوازنات ..!!

بات في حكم المؤكــد أنه يستعصي علينا إقامة التوازن المطلوب في أي من أمورنا الحياتية ..فمن يعيش حياةً " بوهيمية " لا يُلقي بالاً لأي من المصاعب التي تزخر بها حياته..وآخــر سخــر نفســه للعمل وصار كالعبد له ليل نهار بلا كلل ولا ملل ..بحجج كأن في ذلك تحقيق للذات ..وأن هذا الزمن غير مأمون العواقب ويتطلب كــدّا وجهدا مضاعفا ..وهنا تظهــر على السطح أهمية خلق جو من التوازن بين كل ما اعتدنا القيام به أو حتى جــد في معيشتنا ..بالعــودة إلى بــداية المسألة وبالنظر والتأمل في أشيــاء تمر بعقلنا دون أن تستوقفه للحظات.. لوجدنا أنه لا يمكن وصف شيء في هذا الكون إلا بالرجوع إلى ضده ..فالليل لا يكون ليلا إلا إذا قيس بالنهــار..وأظن أن لحظات السعــادة القصــوى لا تكون محســوسة سوى بمقارنتها بكــم المواقف العصيبة التي نعايشها ..وكما ورد عن بني اسرائيل أنهم قالوا " لَنْ نَصْبـِـرَ عَلى طَعَــام ٍوَاحِــدٍ" مع أنه -كما جاء في العديد من التفاسير- من طعام اهل الجنــة ..وبعيدا عن التطرّق إلى ما عُــرف عن بني اسرائيل من صلافة ونكران ..إلا أن المحور الآخــر يقودنا إلى طبيعة بشرية تميل إلى عــدم التقيــد والثبات على أمر بعينه بفعله على الدوام ..لكن ذات النفس تحتاج إلى مجهود جبار لإجبارها على تغيير الحالة التي تعودت عليها ..فكم منا يرى أن ما يقوم به لا معنى لــه ..ولكنــه يستصعب تغيير الحالة النفسية التي ترضى بالبديل المناسب..!!وحتى في التدين فالجماعة "الشكليون" الذين يرون التقرب لله في مجرد اطلاق اللحى وتقصير الثوب ..وتكرار الحركات في مواعيد معينة ..وأن هذا هو السبيل الوحيد للوصول إلى الرضا المطلق والكامل من المولى عز وجــل..فتجدهم أقل ما يكون من خشوع في صلواتهم مع مواظبتهم فيها ..كونها لا تمثل أكثر من تكرار لحركات لا معنى روحي له..في حين ترى "الصوفية" يجدون أن سمو الروح هو المفتاح للوصول إلى الغايات ..ويصل غلاتهم إلى القول بأنه قد يوجد من تسمو روحه إلى مدى لا يحتاج فيه إلى عمل ..لأنه وصل إلى منزلة خاصة عند الإله على شأنه..وغاب عن أصحاب كلا الطريقين أن غاية ما يحتاجون إليه هو تحقيق التوازن المطلوب ..بأن تؤدى الحركات التي وردت "الصلاة " في أوقاتها ..ولكن بأن تكون الروح في حالة من التأهب والخشوع ..وبذلك يكون الوصول السليم -كما أحسب - إلى سمو الأعمال وتقبلها ..ولا أجــد ما أختم به جلستي هذه على "الكرسي " اليوم ســوى التمثل بما قال معاوية بن أبي سفيان عن سر تفوقه في الحكم :بيني وبين الناس شعرة لا تنقطع ؛ إذا شدوا أرخيت ، وإذا أرخوا شددت ....

ليست هناك تعليقات:

انتهيــت من القـــراءة ..استمع الآن !


بطـــل الحــــرب ...والســـــلام