الأحد، ٢٠ مارس ٢٠١١

الاستفتـــاء .. ودوري الإخـــوان !

لا يستطيع أي شخص كان - مهما بلغ إجحافه - إنكار أن عملية التصويت على استفتاء التعديلات الدستورية مرت بطريقة مشرّفـة ومشرقـة من جانب الشعب المصري الذي كان تواقاً ونهماً إلى التجربة أكثر من اهتمامه بالنتيجة التي ستُفضي إليها .
ذلك الإهتمام الذي تم توجيهه بدراسة ومثابرة من قِبل الجهة الأكثر حضوراً وتجهيزاً في المسرح السياسي الحالي فنحن إذا استبعدنا تأثير الحزب الوطني "ككتلة " في حد ذاتها ، في التوقيت الذي يتركز الاعتماد لديهم حالياً على الأسماء منفردةً دون التطرق إلى الانتماء الحزبي " في ظل حالة الحنق الشعبي على الحزب ورموزه" .تتبقى لدينا الجهة الأخرى الأكثر تنظيماً المتمثلة في الإخوان والتي تلقى قبولاً في الشـارع استمدته على مدار السنين نتيجة لأسباب عدة .
فالإخوان كانوا حتى آخر لحظة يمثلون الجبهة الوحيدة الصامدة أمام النظام المستبد عبر الجولات المتتالية على مدى التاريخ . على الرغم من كل الضربات التي استمروا يتلقونها . والتي تخللتها أوقات اضطر فيها النظام لعقد صفقات للتهدئة من حين لآخر حسب ما تتطلبه مجريات الأحداث . رأى فيها "الإخوان " فرصاً تُمدّهـم ببعض الأنفاس التي تعينهم على مواصلة القتال الذي بدا غير منتهٍ وقتها .
إلى جانب أننا لا نستطيع أن نغفل أن الشعب المصري "متديّـن " بطبعـه ، وذلك ربما لأسباب تتعلق بالجينات المتوارثة منذ العصور الفرعونية. فحتى أكثر الذين يتشدقون في الشارع بالأفكار التي قد تظهر بعيدة كل البعد عن الدين . لا يفطن إلى ذلك الجانب الكامن في داخله والذي يميل إلى التدين والتشبث بالدين الذي إن لم يكن مهتماً بالأمور الشكلية والمظهر الديني . فإن لديه يقين راسخ أن هذا التدين هو بمثابة المادة اللاصقة التي تتلاحم "حلقات " المجتمع بها بغض النظر عن تفاوت أحجام وأشكال هذه الحلقات .

وبالعـودة إلى أجـواء الاستفتاء فإن الإخوان أرادوا أن يلعبوا المباراة بالشكل السياسي . رافضين أي محاولات " لتأجيل الدوري" في الوقت الذي يراهنون فيه على جاهزيتهم ولياقة لاعبيهم - السياسيين- وقدرتهم على كسب معظم الجولات ذهاباً وإياباً .
وكان الرد من باقي الأحزاب والكتل السياسية الأخرى متخذاً نفس المنهج من ناحية الجاهزية والقدرة على تجميع الصفوف بعد مرحلة " البيات الشتوي " الطويلة وذلك قبل المواجهات الساخنة التي ستجمعهم أمام المنافس الأبرز في المباريات الانتخابية. ويعود السبب في ذلك إلى أنهم اختاروا البقاء "خاملين "تحت طائلة الأجهزة الأمنية .

إلى الآن يظل كل هذا من الأمور المشروعة سياسياً بغض النظر عن موقفنا من الإخوان أو من الأحزاب المنافسة - والتي كانت يجب أن تكون "متنافسة "- إلى أن أتى الوقت الذي أحس الإخوان أنهم يودون توفير الجهد في السعي وراء الأصوات إلى مرحلة أكثر جدية وسخونة . وآثروا الاعتماد على الوسيلة الأكثر يسراً وسهولة بالطَّرْق على الوتر الديني الحساس خاصةً لدى العامة ولا مانع في قليل من الإثارة بالإيحاء بأن التصويت بكذا هو مما أوصى به الله ورسوله ومن أراد أن يكون متجانف لإثم فليفعل غير ذلك .
وهنا دخلت الحياة السياسية في دوامة جديدة ليس فقط بإقحام الدين في السياسة كما يظن البعض . لأن ما حدث لا يوحي بذلك وإنما هو "الاستخدام " للدين كوسيلة وليست غاية في حد ذاتها . وفي الحياة التجارية والصفقات من المعروف أن الاعتماد على أسلوب معين في اتمام الصفقة يوحي لصاحبه بالطريقة الأمثل التي يجب عليه اتبعاها في المرات القادمة .
وبتطبيقنا للنظرية في هذه الحالة سنجد أنهم قد اختاروا اتمام الصفقة عن طريق استخدام "الدين " كذريعة أو وسيلة مناسبة. وهنا سيضطر أصحاب هذا الاتجاه أن يدافعوا عن المبدأ بكل ما يملكون . وهو ما أشك فيه حيث أن الدفاع عن " الوسائل" ليس كالحال عند الدفاع عن " الغايـات " .
أما في حالة فشل الطريقة فإن من اضطر إلى استخدام وسيلة من المفترض أنها فوق كل اعتبار . فإننا قد لا نستغرب استخدامه في المرات القادمة لوسيلة أكثر حساسية في سبيل الوصول إلى أهدافه . فلن يكون مسغرباً مثلاً أن يبذل "عِـرضـه " من أجل ذلك.!!!

ربما تكــون المبـاراة في المراحل التمهيدية قد انتهت بفوز الطرف "الإخواني " وتأهله إلى المراحل التالية . ولكن تساؤلات عدة تطفو على السطح عندما توضح لقطات الإعادة أن هدف التأهل قد تم إحــرازه باليـد .!أولها : هل هذا الفوز مستحق أم.........!!
وكيف يضمنون - بعد كشف الحال - نفس التفاعل الجماهيري في مباريات أصعب وأداور نهائيـة ..!؟

ليست هناك تعليقات:

انتهيــت من القـــراءة ..استمع الآن !


بطـــل الحــــرب ...والســـــلام