الثلاثاء، ٢٣ أكتوبر ٢٠٠٧

عبده فهـــــــــــــــلوة ...إلى أيــــــــــن..!!؟؟

آثرت أن تكون أولى جلساتي على كرسيّ متضمنة حديثاً عن صنعة أو حرفة مصرية خالصة ..ربما كانت بعض الأمور الأخرى أكبر أهمية وأكثر خطورة لدى البعض ..لكني أرى أن الحديث عن هــذه الظاهرة له عبق خاص ورائحة مميزة ..إنك قد تجد الكذب منتشرا في كل مكان ..والحيلة يرتع فيها أي امرئ كان...والتضليل..والتمثيل ......لكن أين قد تجد هذه الصفات كلها مجتمعة كما تجدها هنـــا..؟قد يعتقد القارئ لأول وهلة أني أذكرها على انها صفة ذميمة بحتة..بل على العكس فإن هذه الصفة لم تتخذ هذا المنحى اللئيم إلا بعد أن زادت عن الحد وأصبحت مأوى لكل من لا حيلة له..بعدما كانت تقتصر على فئة معينة كثيرا ما كانت تصرفاتهم هذه مصدر تندر والذي قد يصل إلى مرحلة الاعجاب لدى البعض ..وتقول المصادر أن أصل كلمة "فهلوي"هو " بهلوي" وهي فارسية تعني سريع الحيلة والبديهة ..!!فالذي كان يوصف - في تلك الآونة- بالفهلوي كان شخصا مميزا -وإن تعرض لبعض الانتقاد- ..وربما اُستعين به لدى المرور بأزمة عارضة لا نستطيع التملص منها إلا بحيلة من حيل هذا الفهلوي ..

هنــا مربط الفرس ..فبعدما كانت " الفهلوة" حرفــة أوخصلة يمتاز بها البعض عمن سواهم بات الجميع يدعي معرفته بأصولها ..بل لقــد صار الكثيرون لا يعتبرون أنها من الأمور المنتشرة أو الشائعة ..وتعدت حدود ذلك لتصبح من علامات الهوية المصرية ..وبات المرء يعرف بمصريته الخالصة بكونــه فهلويا بالفطرة أم لا..وانتشرت القصص والحواديت التي كنا - ولا زال البعض-نتباهى بها ..حتى ولو كنا نعرف مسبقا بأنها من نسج خيالنا - الذي لا ينضب- عن كوننا قد أصبحنا علامة مسجلة في هذا المجال ..بل لقد انتفضت " المافيا الإيطالية " بجلالة قدرها لما يقوم به المصريون من حيل ومهارات ..وأصبح الإيطاليون يغارون منا ويقولون " أنتم لا زلتم نعتبركم إخوتنا الصغار في الفهلوة " وذلك حتى لا يفقدوا مكانتهم العالمية .."نحن بالطبع نتفوق في مجال التلميع الذهبي - والفضي- على الفهلوة في حد ذاتها لكنني أفضل إفــراد مساحة أخرى لهذا الموضوع فيما بعد إن شاء المولى"..وبذلك أصبح المصريون هم أسياد الفهلوة العالمية ..وإن صعب عليهم ما وصل إليه حال إخوانهم " الطلاينة" فتنازلوا طواعية لهم عن هذه المكانة ..كشهامة رشوان التي جاءت في الإعلان.
وعندما تنظر حولك لا تجد أدل على ذلك من كون المصريين يتنافسون في إيجاد أصعب الحلول للالتفاف حولها ..حيث المتعة والاثارة ..وربما الغمزة واللمزة الكعب كما يقول " حمادة إمام".والغريب أيضا في الموضوع أن العادة كانت منحسرة في المدن وخاصة الكبرى منها ..لكنك الآن لن تتعجب إن رأيت أحد الريفيين الذي لا تبدو عليه أدنى أعراض " النباهة " أو الذكــاء ..يستخدمها معك..ولن تجد أكثر سماجة ومدعاة للحيرة من هذا الأمــر لأن الثوب ليس فقط واسع عليه ..لكن ألوانه كذلك هي الأخــرى من الألوان المشعة التي لاتصلح مع البيئة التي قدم منها هذا الريفي ..ولكن العذر الذي نستسمحه له ملله وضيقه من استغلال أبناء المدن للسذاجة التي قدم بها من بيئته وأيضاً عدم فطنته للفرق الجلي والواضح بين "الفهلوة" و"الخبث "..ولربما ساقته سجيته لابتكار العقبات والبحث عنها حتى يظن الذين حوله أنه قادم إلى المدينة حالاً ألغازها..سابراً أغوارها ..لا كما يظنون
ومن هنا باتت العادة التي كنا نتندر بها ..وتميز بعضنا الذين نلجأ إليهم في أزماتنا وضيقنا ..إلى هوية ..وليتها أصبحت هوية ناجحة بل لقد غدت" مسخا" لا يمت للفهلوة الأم بصلة ..وصار عبده الفهلوي مثل أبو زيد الهلالي وعنترة ...ضربا للأمثال ..وأسطورة ليست حية ....ولا حتى ميتة

ليست هناك تعليقات:

انتهيــت من القـــراءة ..استمع الآن !


بطـــل الحــــرب ...والســـــلام